وإذا رأيت هذا الاختلاف بينهم، فبعضهم يقول: خمس وخمسون سنة، وبعضهم ستون، وبعضهم سبعون. رأيت أن كل واحد منهم قال بحسب ما كان غالباً في بيئته، ومشهوراً بين نسائه، وكلها تدل على أنه ليس في المسألة نص وإلا لما كان هذا الاختلاف، واليأس ليس سناً محدداً متى ما بلغته أصبحت يائسة، بل هو وصف يلحق المرأة، كما أن الحيض ليس سناً بمجرد بلوغه تكون حائضاً حتى تتصف به. فاليأس من المحيض كما تقتضيه معنى الكلمة لغة: هو القنوط من رجوعه، وانقطاع الرجاء بنزوله، ولهذا سوى الله في العدة بين المرأة التي لا تحيض، وبين المرأة اليائسة من المحيض بجامع أن كلاً منهما قد انقطع حيضها.
[دليل من قال: الدم من الخمسين إلى الستين مشكوك فيه.]
قال الخرقي:"وإذا رأت الدم ولها خمسون سنة، فلا تدع الصوم ولا الصلاة، وتقضي الصوم احتياطاً. فإن رأته بعد الستين فقد زال الإشكال، وتيقن أنه ليس بحيض، فتصوم وتصلي ولا تقضي"(١).
ولعل الخرقي حين رأى أن في مذهب أحمد قولين:
الأول: أنه لا حيض بعد خمسين سنة.
الثاني: أن الغاية في الحيض ستون سنة.
تعارض عنده هذان القولان، فأعرض عنهما، وقال: إن ما بينهما مشكوك