قال: لأن ابتداء مدة المسح عنده من الحدث، وهو موجود في الحضر، والحدث كالمسح في اعتباره من زمان المسح، قال: ألا ترى لو أنه مر عليه بعد حدثه يوم وليلة، ولم يمسح، فقد انقضت المدة، كما لو مسح.
والقول الأول أقوى، وقول المزني مبني على قول ضعيف في أن مدة المسح تبتدئ من الحدث، وهو خطأ، بل الراجح أنها تبتدئ من المسح، وقد فصلت هذا القول في مسألة مستقلة.
الحالة الثالثة: أحدث في الحضر، ثم سافر بعد خروج وقت الصلاة.
فعند الشافعية في هذه المسألة وجهان:
الأول: قالوا: يتم مسح مقيم؛ لأن خروج وقت الصلاة عنه في الحضر بمنزلة دخوله في الصلاة في وجوب الإتمام، فكذا المسح.
وقيل: يتم مسح مسافر؛ لأنه تلبس بالمسح، وهو مسافر، فهو كما لو سافر قبل خروج الوقت، ويخالف الصلاة، بأن الصلاة تفوت وتقضى، فإذا فاتت في الحضر، ثبتت في الذمة صلاة حضر، فلزمه قضاؤها، والمسح لا يفوت، ولا يثبت في الذمة، فصار كالصلاة قبل فوات الوقت. اهـ
والصحيح أنه يمسح مسح مسافر لا لهذا التعليل، ولكن لأنه حين أراد أن يمسح في السفر كان حكمه حكم المسافر، اعتباراً بحاله وقت المسح.
الحالة الرابعة: أحدث، ومسح في الحضر، ثم سافر.
فإن كان قد أكمل مسح يوم وليلة في الحضر قبل سفره، لم يكن له أن يمسح.