للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الجواب قائم على الظن، ولا يعلم التاريخ حقيقة، بل إن الأمر بقتل الكلاب كان متقدماً ثم نسخ، فلو عكس قائل المسألة وقال: إن التغليظ في نجاسة الكلب كان ذلك حين كان المسلم مأموراً بقتلها، فلما نسخ القتل خفف الأمر، لو قيل به كان أوجه من هذه الدعوى.

الثاني: أن بول الكلاب لا خلاف في نجاسته، فكيف تستدلون على طهارتها بما قام الإجماع على نجاسته.

وأجيب:

بأن حكاية الإجماع فيه نظر، فقد ذكر الحافظ في الفتح أن ابن وهب يرى أن جميع الأبوال طاهرة عدا بول الآدمي، كما أن هناك قولاً بجواز أكل لحم الكلاب، ويرى أن بول ما يؤكل لحمه طاهر، وهذا القول يخرق دعوى الإجماع (١).

[جواب ثالث]

أن النجاسة كونها لم تغسل؛ لأن النجاسة قد تطهرها الشمس، وهو ما يسمى عند بعض الفقهاء التطهير بالاستحالة، خاصة أن بلاد الحجاز بلاد حارة، فإذا أذهبت الحرارة لون النجاسة وريحها وطعمها طهر المحل.

وهذا الجواب أقواها في نظري، والله أعلم.

وهناك أدلة أخرى استدلوا بها على طهارة الكلاب، منها أدلتهم في طهارة سؤر السباع، وسوف نذكرها في مبحث مستقل إن شاء الله تعالى، فانظرها غير مأمور.


(١) فتح الباري (١/ ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>