فتلخص من هذا أن من قدم حديث بسرة قدمه لأمور: الأول: الاعتبار برجال الإسناد، فرجال إسناد حديث بسرة أرجح من رجال إسناد حديث طلق. الثاني: قدمه باعتبار أنه حديث ناسخ لحديث طلق بن علي. الثالث: قدمه باعتبار أنه ناقل عن البراءة الأصلية، وحديث طلق على البراءة، وإذا تعارض حديثان أحدهما يوافق البراءة الأصلية، والآخر ينقل عنها، ويشغل الذمة كان الناقل مقدماً. الرابع: أن رواة النقض بمس الذكر أكثر، وأحاديثه أشهر، فقد رود فيه حديث بسرة وأبي هريرة وأم حبيبة وابن عمر وعبد الله بن عمرو وابن عباس وأيوب وغيرهم، بخلاف حديث طلق، فإنه حديث غريب. الخامس: لو قدر تعارض الحديثين من كل وجه لكان الترجيح لحديث النقض لكونه قول أكثر الصحابة كما نقلته عن أحمد بن حنبل في معرض البحث. [وأما من رجح حديث طلق] فمنهم عمرو الفلاس، قال كما في التلخيص الحبير: هو عندنا أثبت من حديث بسرة، وقال علي بن المديني: هو عندنا أحسن من حديث بسرة، وقال الطحاوي: إسناده مستقيم غير مضطرب بخلاف حديث بسرة، وصححه ابن حبان والطبراني وابن حزم إلا أنهم ادعوا فيه النسخ. قلت: قول الإمام علي بن المديني: هو أحسن من حديث بسرة، فكلمة أحسن أفعل تفضيل، لا تدل على أنه حسن مطلقاً، بل هو مقيد بأنه أحسن من حديث بسرة، على أن حديث بسرة له شواهد صحيحة بخلاف حديث طلق، وهو معارض بكلام البخاري في تقديمه حديث بسرة، والله أعلم.