(١٣٤٤ - ٢١٧) ولعله يستدل له في أثر ابن عمر فيما رواه عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، قال:
كان أبي يغتسل، ثم يتوضأ، فأقول: أما يجزيك الغسل؟ قال: وأي وضوء أتم من الغسل للجنب، ولكنه يخيل إلي أنه يخرج من ذكري الشيء، فأمسه، فأتوضأ لذلك.
[سنده صحيح، وسبق تخريجه قبل قليل].
ولا دليل فيه؛ لأن ابن عمر إنما حمله الوضوء على الغسل لانتقاض طهارته بمس ذكره، ولم يكن سبب الوضوء هو حدث الجنابة، إلا أن يفضل أحد الوضوء بعد الغسل من باب، أنه ربما مس ذكره أثناء الغسل، فاحتاج إلى إعادة الوضوء، فيقال: هذا الاستحسان كان قائماً في حق المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ولم يره سبباً في تقديم الغسل على الوضوء، فما بالك تراه سبباً في التقديم، فاحرص على عدم مس ذكرك، فإن مسسته فلا مانع من إعادة الوضوء، والله أعلم.
دليل من قال: هو مخير إن شاء توضأ قبل الغسل أو بعده.
يرى أن طهارة الجنب ليس فيها ترتيب، فمن اغتسل بعد الوضوء، أو توضأ بعد الغسل فقد حصل المطلوب، من القيام بالوضوء والغسل معاً في غسل الجنابة.
وإذا ثبت في حديث ميمونة تأخير غسل رجليه في الوضوء إلا أن يفرغ من غسله، فإن الوضوء في هذه الصورة لم يتم إلا بعد الفراغ من الغسل، فإذا شُرِعَ له تأخير بعض أعضاء الوضوء إلى نهاية الاغتسال، لم يمنع أن يكون مخيراً في الأعضاء الأخرى.