إذا كان النوم ليس حدثاً في نفسه، وإنما أوجب الوضوء من أوجبه لاحتمال خروج الريح، فالأصل عدم الخروج، فلا يجب الوضوء بالشك ما دامت الطهارة متيقنة، فالشك لا يقضي على اليقين.
فقد روى البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن زيد شكي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً.
وأجيب:
بأن الشارع الذي قال: لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً هو الذي أوجب الوضوء من النوم، ثم إن الشك قد يقوى حتى يصل إلى درجة الظن، والظن قد تعبدنا به بالجملة عند تعذر اليقين، ولذلك إذا شك المصلي في صلاته تحرى، والتحري ظن، قد يطابق الواقع وقد يخالفه، وإذا أمكن التحري عمل به، ولو لم يرد في النوم دليل خاص لكان مقيساً على من زال عقله بإغماء أو جنون، فكيف وقد وردت أحاديث صحيحة في النوم بكونه ناقضاً للوضوء، والله أعلم.
[الدليل الرابع]
(١٠٣٧ - ٢٦٦) حديث أنس، رواه مسلم، من طريق خالد هو ابن الحارث، حدثنا شعبة، عن قتادة، قال:
سمعت أنساً يقول: كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون، قال: قلت: سمعته من أنس؟ قال: إي والله (١).