أحدهما: أنه نفى الحرج في تركه، ولو كان فرضاً لكان في تركه حرج.
الثاني: أنه قال: من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومثال هذا لا يقال في المفروض، وإنما يقال هذا في المندوب إليه والمستحب.
والجواب على هذا الدليل من وجهين:
الأول: أن نفي الحرج لا يرجع إلى الاستنجاء، وإنما إلى الايتار، لأنه أقرب مذكور، وهو صفة في الاستنجاء، وسوف يأتي حكم الإيتار فيه.
الثاني: أن الحديث ضعيف، يرويه مجهول عن مثله، وسبق بيانه في التخريج.
[الدليل الثالث]
قالوا: إن الفقهاء متفقون على العفو عن النجاسة اليسيرة، وهذا منها.
والجواب على هذا:
أننا وإن سلمنا أن يسير النجاسات معفو عنها في الجملة، فإننا لا نسلم أن أثر الاستنجاء من البول والغائط من اليسير المعفو عنه، وإنما يعفى عن يسير النجاسة في حالتين:
الأولى: أن يلحق في الاحتراز منها مشقة عظيمة، ولذلك حكم الهرة بأنه طاهرة لمشقة الاحتراز منها.
الثاني: أن لا يمكن إزالتها، كالأثر المتبقي في الاستجمار، فإنه لا يمكن إزالته إلا بالماء، وطهارة من به سلس بول، والمستحاضة ونحو ذلك.
وطهارة الاستنجاء لا تلحق مشقة بالاحتراز منها، ويمكن إزالتها بيسر