وأما أن يكون أحد الحديثين صحيحاً والآخر ضعيفاً فإن الواجب هو العمل بالحديث الصحيح وحده وطرح الضعيف؛ لأن الجمع وإن كان فيه إعمال لكلا الدليلين إلا أن إعمالهما معاً سيكون على حساب الحديث الصحيح إما تقييد لمطلقه أو تخصيص لعمومه، فيخرج أفراد من الحديث الصحيح كان الإطلاق والعموم شاملاً لها مراعاة لحديث غريب لا يصح، فيكون الحديث الضعيف قد جنى على الحديث الصحيح، فهنا الوضوء من مس الذكر مطلق، يشمل ما كان على وجه اللذة وما كان بدونها، ويشمل ما كان متعمداً وغير متعمد، وظاهر الأمر الوجوب، فإذا قمت بتقييد أحاديث الوضوء من مس الذكر بالشهوة، فمعنى هذا أنني أخرجت الوضوء من مسه بدونها، مع أن الأحاديث مطلقة فهذا إخراج لبعض أفراد العموم من أجل حديث ضعيف، والكلام نفسه يقال: فيمن حمل الأحاديث على الاستحباب، مع أن ظاهرها الوجوب، والله أعلم.
دليل من قال: يجب إن كان المس بشهوة ولا يجب بدونها.
قالوا: إن قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: إنما هو بضعة منك إيماء لاعتبار الشهوة لأمرين:
الأول: إنك إذا مسست ذكرك بدون شهوة منك لم يكن هناك فرق بينه وبين أي عضو من أعضائك، أما إذا مسسته بشهوة فإنه يفارق بقية الأعضاء حيث يجد اللذة بلمسه دون غيره، وقد يخرج منه شيء، وهو لا يشعر، فما كان مظنة للحدث علق الحكم به كالنوم.
ثانياً: أن حديث طلق فيه سؤال عن الرجل يمس ذكره في الصلاة؟ فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما هو بضعة منك، ومس الذكر بالصلاة لا يكون بشهوة، لأن في الصلاة شغلاً عن مس ذكره بشهوة، بخلاف مسه خارج الصلاة فقد