للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن رشد: "ولا خلاف فيما أحسب عندهم أن الحائض تبني" (١).

والإجماع لا يثبت مع خلاف ابن حزم، ومن قبله داود الظاهري.

[الدليل الثاني]

أن الاعتكاف عبادة من شرطها أن تكون في مسجد، والحائض ممنوعة من اللبث في المسجد. وقد بينت في مسألة مستقلة الخلاف في هذه المسألة، وبينت أن الراجح أن الحائض يجوز لها المكث فيه. والله أعلم.

ثم إن مسألة أن يكون الاعتكاف من المرأة في مسجد ليست محل إجماع (٢).


(١) بداية المجتهد مع الهداية (٥/ ٢٦٤) ومعنى قوله "تبني" أن الحيض قطع الاعتكاف، ولكن بعد طهارتها ترجع وتبني على ما مضى من اعتكافها، ولو كان الحيض لا يقطع اعتكافها لما كان هناك حاجة إلى القول بالبناء. ولكن عبارته ليست صريحة بالإجماع، لأن قوله "عندهم" قد يقصد به عند الأئمة الأربعة. والله أعلم.
(٢) أما اعتكاف الرجل، فقد قال ابن قدامة في المغني (٤/ ٤٦١) "ولا يصح الاعتكاف في غير مسجد، إذا كان المعتكف رجلاً، لا نعلم في هذا بين أهل العلم خلافاً" اهـ.
وقد ذكر ابن رشد في البداية (٥/ ٢٥٢) أن ابن لبابة ذهب إلى صحة الاعتكاف في غير المسجد مطلقاً للرجال والنساء. لأن قوله تعالى {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِد} ليس دليل خطاب، وإنما نهى عن المباشرة إذا كان الاعتكاف في المسجد، فأما إذا كان الاعتكاف في غير المسجد فله حكم آخر.
وأما المرأة فقد اختلفوا في اشتراط اعتكافها أن يكون في مسجد، فذهب الحنفية إلى جواز اعتكافها في غير مسجد، بل قالوا: إن مسجد بيتها أفضل لها، قال في بدائع الصنائع (٢/ ١١٣): "وأما المرأة فذكر في الأصل أنها لا تعتكف إلا في مسجد بيتها، ولا تعتكف في مسجد جماعة، وروى الحسن، عن أبي حنيفة أن للمرأة أن تعتكف في مسجد الجماعة، وإن

<<  <  ج: ص:  >  >>