وقد بينا أن هذه اللفظة قد بين الإمام أحمد أنها غلط، وإن كان أبومعاوية من أثبت أصحاب الأعمش، وهو مقدم على غيره في حديث الأعمش يرجع إليه فيه عند اختلاف أصحابه، ولكن هذا مسلم لو أن أبا معاوية نفسه لم يختلف عليه في لفظه، فلما اختلف على أبي معاوية نفسه دل على أنه لم يضبط، والثقة قد يخطئ، ولو سلمت صحة رواية أبي معاوية على الأعمش، فإن الترتيب هذا في تقديم اليدين على الوجه مجرد فعل من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، والفعل المجرد لا يدل على الوجوب، وإنما يدل على الاستحباب، وظاهر القرآن تقديم الوجه، وهو يدل على أنه إن قدم الوجه على اليدين عملاً بكتاب الله تعالى فحسن، وإن قدم اليدين على الوجه عمل بلفظ أبي معاوية عن الأعمش فحسن أيضاً، ولا يدل على وجوب تقديم اليدين على الوجه، وهو ظاهر، والله أعلم.
دليل من قال: إن تيمم بضربتين كان الترتيب واجباً، وإلا فلا:
استدل لقوله بأن بطون الأصابع لا يجب مسحها بعد مسح الوجه، فإذا وقع مسح باطن الأصابع مع مسح وجهه أخل بالترتيب.
قال ابن عقيل: رأيت التيمم بضربة واحدة قد أسقط ترتيباً مستحقاً في الوضوء، وهو أنه يعتد بمسح باطن يديه قبل مسح وجهه (١).
قلت: في هذا دليل على أن الترتيب ليس واجباً، وليس معناه أن نقول بوجوب الترتيب إن كان التيمم بضربتين، والله أعلم.