ناسخاً للقول ضعيف أيضاً، فالراجح عندي القول بالكراهة، وانظر وجهه في الكلام الآتي.
[دليل من قال بكراهة الاستقبال والاستدبار.]
قالوا: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا نهى عن شيء، فالأصل فيه التحريم، وإذا خالف النهي انتقل من التحريم إلى الكراهة.
وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر بشيء اقتضى الوجوب، فإذا خالف ذلك الأمر انتقل الأمر إلى الاستحباب، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الاستقبال والاستدبار مطلقاً، ثم خالف ذلك في الاستدبار كما في حديث ابن عمر، وخالف ذلك في الاستقبال كما في حديث جابر، فانتقل النهي من التحريم إلى الكراهة، والله أعلم.
دليل من قال يحرم الاستقبال مطلقاً ويحل الاستدبار مطلقاً.
وأما الذين قالوا بتحريم الاستقبال في الصحراء والبنيان، وجواز الاستدبار فيهما فاستدلوا بتحريم الاستقبال بحديث أبي أيوب وسلمان وغيرهما. وقد تقدم ذكر الأحاديث.
واستدلوا بجواز الاستدبار مطلقاً بحديث ابن عمر: ارتقيت فوق ظهر بيت حفصة لبعض حاجتي .. الحديث. ومنعنا الاستقبال مطلقاً؛ لأنه لم يقم دليل على جوازه (١)، ولا يصح قياس الاستقبال على الاستدبار لعدم مساواة الفرع بالأصل، لكون الاستقبال أشد قبحاً من الاستدبار.
(١) إما لأنهم لم يطلعوا على حديث جابر، أو لم يصححوه.