فالأول باطل؛ إذ مجرد استحالة الفضله عن الغذاء لا يوجب الحكم بنجاستها، كالدمع والمخاط والبصاق.
وإن كان لخروجه من مخرج البول، فهذا إنما يفيدك أنه متنجس لنجاسة مجراه، لا أنه نجس العين كما هو أحد الأقوال فيه، وهو فاسد؛ فإن المجرى والمقر الباطن لا يحكم عليه بالنجاسة، وإنما يحكم بالنجاسةبعد الخروج والانفصال، ويحكم بنجاسة المنفصل لخبثه وعينه لا لمجراه ومقره، وقد علم بهذا بطلان الاستناد إلى مجموع الأمرين، والذي يوضح هذا أنا رأينا الفضلات المستحلة عن الغذاء تنقسم إلى:
طاهر: كالبصاق والعرق والمخاط.
ونجس: كالبول والغائط، فدل على أن جهة الاستحالة غير مقتضية للنجاسة، ورأينا أن النجاسة دارت مع الخبث وجودا وعدماً فالبول والغائط ذاتان خبيثتان منتنتان مؤذيتان متميزتان عن سائر فضلات الآدمى بزيادة الخبث والنتن والاستقذار، تنفر منهما النفوس، وتنأى عنهما وتباعدهما عنها أقصى ما يمكن، فلا يحلق المني بالبول والغائط بل يحلق بالمخاط والبصاق (١).
[الدليل الرابع]
قالوا: إن الأحداث الموجبة للطهارة نجسة كالبول والغائط والمذي. والمني من الأحدث الموجبة للطهارة، فيكون نجساً.
وأجيب:
لا نسلم أن الأحداث الموجبة للطهارة كلها نجسة، فأكل لحم الإبل حدث على الصحيح يوجب الطهارة، وهو ليس نجساً.