اختلف العلماء في تطهير الماء عن طريق نزح النجاسة أو نزح بعض الماء حتى يزول التغير، فهل مثل هذا النزح يطهر الماء أو لا؟.
فالحنفية يفرقون بين هذه المسألة وبين المسائل التي قبلها، وذلك لأن النزح غالباً ما يكون لماء البئر، ومسائل البئر عندهم على خلاف القياس، بينما الجمهور يطردون قواعدهم السابقة بين الماء الكثير والماء القليل، وحين كان التفصيل في مذهب الحنفية متشعباً أحببت أن أفصل كل مذهب وأدلته قبل الانتقال إلى القول الثاني، وهكذا.
[القول الأول: مذهب الحنفية]
يختلف الحكم عند الحنفية باختلاف البئر، وباختلاف حجم الحيوان، وهل أخرج الحيوان من البئر ميتاً أو حياً، فيمكن لنا نقسيم البئر إلى ثلاث حالات:
الحالة الأولى: أن يكون البئر ليس معيناً - أي ليس في داخلها عين تنبع - والحيوان قد مات في البئر أو وقع فيه ميتاً، وكان الحيوان لم ينتفخ ولم يتفسخ، فالحكم على النحو التالي:
الأول: أن يكون الحيوان بحجم الفأرة والعصفور، فينزح منه عشرون دلواً.
ويستدلون لذلك بما يروى عن أنس أنه قال في الفأرة إذا ماتت في البئر، وأخرجت من ساعتها ينزح منها عشرون دلواً.
[ولم أقف عليه](١).
(١) نقله الزيلعي في نصب الراية (١/ ١٢٨)، وقال: قال شيخنا علاء الدين: رواه الطحاوي من طرق، قال الزيلعي: ولم أجده في شرح معاني الآثار للطحاوي.