فهذا حديث عائشة حين ذكر الوضوء فيه مفصلاً، ذكر غسل الرأس بدلاً من مسحه، وهو يؤكد أن قوله:«توضأ وضوءه للصلاة» أن ذلك يدخل فيه الرأس، ولكن بالغسل، وليس بالمسح، كما في رواية ميمونة، وكما في حديث عائشة من رواية أبي سلمة عنها، والله أعلم.
الدليل الثاني على أن الرأس يمسح في الوضوء.
(١٣٥٥ - ٢٢٨) ما رواه البخاري من طريق سفيان، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن كريب، عن ابن عباس،
عن ميمونة، قالت: توضأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضوءه للصلاة غير رجليه ... وذكرت الحديث. ورواه مسلم، واللفظ للبخاري (١).
فالاستثناء معيار العموم، فمعنى ذلك أنه لم يستثن إلا الرجلين، فدل على أن الرأس يمسح.
قلت: هذا الحديث ليس صريحاً، نعم فيه دليل على أن الرأس لم يترك كما ترك غسل الرجلين، ولكنه ليس صريحاً أنه مسح رأسه، فقد يكون غسل رأسه، وهو مسح وزيادة، خاصة أن رواية أبي سلمة، عن عائشة عندما فصلت الوضوء في حديث عائشة، ذكرت أنه غسل رأسه، وكذلك جاء في حديث ميمونة، والله أعلم.
[الراجح من خلاف أهل العلم]
الذي يظهر لي أن الراجح من كلام أهل العلم هو القول بغسل الرأس؛ إذ لا فائدة ترجى من المسح، وهو يريد غسله، فيدخل المسح بالغسل، لكون الغسل أعلى، والمقصود واحد، وهو رفع الجنابة، والله أعلم.