قال ابن قدامة:((وفرج الميت كفرج الحي؛ لبقاء الاسم والحرمة؛ ولاتصاله بجملة الآدمي، وهو قول الشافعي.
وقال إسحاق: لا وضوء عليه)) (١). اهـ
قلت: قول إسحاق هو الراجح؛ لأن النصوص إنما وردت في فرج نفسه، لا في فرج غيره، وكما قلت: يخطئ من يعتقد أن العلة في النقض إذا مسه بشهوة كونه مظنة لخروج حدثٍ ناقضٍ للوضوء؛ لأن الأحاديث مطلقة، ولم تقيده بالشهوة، ولا يقيد النص الشرعي إلا نص مثله أو إجماع، ولو كانت العلة مظنة خروج الحدث لكان انتشار الذكر بشهوة موجباً للوضوء، ولكان مس الذكر بشهوة، ولو من وراء حائل موجباً له، لأنه مظنة لخروج شيء من الفرج، والوقوف عند النص ما دام أن العلة ليس معقولة هو الاحتياط، والجزم بفساد العبادة الثابتة بدليل لا يجوز إلا بدليل صريح في المسألة، وحين أقول بذلك ليس الحامل له رد القياس؛ فإن تركه جمود، لكني أقول به لعدم وضوح العلة في المسألة، ولا بد حتى يلحق الفرع بالأصل من كون العلة معقولة المعنى، وهذا الذي لم يتضح لي في مس ذكر الغير، كبيراً كان أو صغيراً حياً كان أو ميتاً، وحديث (يتوضأ من مس الذكر) لا يثبت هذا اللفظ كما بينت في المسألة التي قبل هذه، والمحفوظ من حديث بسرة لفظ:(من مس ذكره فليتوضأ) والاحتياط ليس في جانب إفساد العبادة، بل الاحتياط اعتبار صحة الوضوء حتى يتيقن الناقض أو يغلب على الظن وقوعه، والله أعلم بالصواب، وهو الهادي وحده إلى الحق.