قالوا: إن دم الحيض موصوف بأنه أذى، وهو يختلف عن دم العرق الذي هو دم الاستحاضة بصفته، ولو كانت صفتهما واحدة لما فرق الشارع بينهما في الأحكام، فإذا رأت الدم الموصوف بالأذى رأت لونه ورائحته، وثخونته، وجب أن تعمل به، خاصة وأن الحيض من الأحكام المعقولة المعنى؛ لأن الله وصفه بكونه أذى، فوجب ترك الصلاة إذا رأت ما تعرفه المرأة من دم الحيض ولو خالف عادتها.
وأجيب:
بأن هذا النظر ممكن أن يكون جيداً لولا أنه في مقابلة النص، وكل نظر يصادم النص فهو نظر قاصر وإن كان قد يبدو في الظاهر خلاف ذلك، وممكن أن يقال: إن هذه المرأة المستحاضة اختلط دم حيضها بدم استحاضتها، فتركت العمل بالدم وحكمت العادة بصرف النظر عن لون الدم ورائحته ... والله أعلم.
دليل المالكية على أنها إذا كانت مميزة جلست منه قدر عادتها، وإن لم تكن مميزة فهي طاهر أبداً.
جمعوا بين روايات حديث عائشة في قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي"، حملوه على التمييز، فإذا ميزت دم الحيض من دم