الأحكام، ومع ذلك هو فرد غريب، ولم يمنع ذلك من صحته مع عظم الحاجة إليه، وتبليغ الرسالة من أعظم الأمور، وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرسل آحاد الصحابة لتبليغها عن طريق المكاتبة وغيرها، وكانت الحجة تقوم بذلك، وأكثر الأخبار التي تعم بها البلوى هي أخبار آحاد، والأخبار المتواترة قليلة، بل إن تقسيم الأحاديث إلى متواتر وآحاد هو تقسيم حادث، لا يعرف عند أئمة الحديث المتقدمين، والله أعلم.
[الدليل الرابع]
قالوا: تحمل الأحاديث الآمرة بالوضوء على غسل اليد جمعاً بينها وبين حديث طلق.
وأجيب:
بأن حمله على غسل اليد لا يصح إلا بقرينة، ولا قرينة هنا؛ على أن الألفاظ يجب حملها على الحقيقة الشرعية، فإن تعذر حملت على الحقيقة العرفية، وحملها على الحقيقة الشرعية لا يمنع منه مانع، خاصة أن حديث قيس لا يصح، والله أعلم.
دليل من قال: يستحب الوضوء من مس الذكر.
وجه الاستحباب: قالوا: إن حديث طلق السؤال فيه عن وجوب الوضوء من مس الذكر، كما قال في الحديث (أعليه وضوء، فقال: لا) وحديث بسرة وغيرها مما فيه الأمر بالوضوء من مس الذكر يحمل على الاستحباب، جمعاً بين الأدلة.
وأجيب:
بأن الجمع إنما يكون بين دليل صحيح ودليل آخر مثله أو أعلى منه،