للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الفصل الرابع

إذا اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة أو محرمة

إذا اشتبهت ثياب طاهرة، بثياب متنجسة، أو محرمة كالحرير، فقد اختلف العلماء في ذلك:

فقيل: يتحرى، وهو مذهب الحنفية (١)، والشافعية (٢)، واختاره الباجي من المالكية (٣)، وهو رواية في مذهب أحمد (٤)، واختاره ابن تيمية (٥).


(١) المبسوط (١٠/ ٢٠٠)، العناية شرح الهداية (٢/ ٢٧٥)، البحر الرائق (٢/ ٢٦٧). والحنفية هنا قالوا: يتحرى مطلقاً، حتى ولو كانت الثياب النجسة أكثر من الثياب الطاهرة، أما في مسألة الماء إذا اشتبه طهور بنجس، اشترطوا للتحري أن تكون الغلبة للأواني الطاهرة.
ويجيب السرخسي عن الفرق بين المسألتين، فيقول في المبسوط (١٠/ ٢٠١): والفرق بين مسألة الثياب وبين مسألة الأواني لنا: أن الضرورة لا تتحقق في الأواني؛ لأن التراب طهور له عند العجز عن الماء الطاهر، فلا يضطر إلى استعمال التحري للوضوء عند غلبة النجاسة، لما أمكنه إقامة الفرض بالبدل، وفي مسألة الثياب الضرورة مَسَّت؛ لأنه ليس للستر بدل يتوصل به إلى إقامة الفرض، حتى إنه في مسألة الأواني لما كان تتحقق الضرورة في الشرب عند العطش وعدم الماء الطاهر، يجوز له أن يتحرى للشرب؛ لأنه لما جاز له شرب الماء النجس عند الضرورى فلأن يجوز التحري وإصابة الطاهر مأمول بتحريه أولى.
يوضحه أن في مسألة الأواني لو كانت كلها نجسة لا يؤمر بالتوضئ بها، ولو فعل لا تجوز صلاته، فإذا كانت الغلبة له فكذلك أيضاً. وفي مسألة الثياب وإن كان الكل نجسة يؤمر بالصلاة في بعضها، ويجزيه ذلك، فكذلك إذا كانت الغلبة للنجاسة ..
(٢) قال الشافعي في الأم (٨/ ١١١): إن كان معه ثوبان أحدهما طاهر والآخر نجس ولا يعرفه فإنه يتحرى أحد الثوبين فيصلي فيه ويجزئه. اهـ وانظر المجموع (١/ ١٥١)، مختصر المزني (٢/ ١٨)، المجموع (١/ ٢٣٤).
(٣) المنتقى (١/ ٦٠).
(٤) الإنصاف (١/ ٧٧)، الفروع (١/ ٦٦).
(٥) إغاثة اللهفان (١/ ١٧٦)، بدائع الفوائد (٣/ ٧٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>