للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإنما الميتة المحرمة: ما فارقها الحس والحركة الإرادية. وإذا كان كذلك فالشعر حياته من جنس حياة النبات، لا من جنس حياة الحيوان، فإنه ينمو ويتغذى ويطول كالزرع. وليس فيه حس، ولا يتحرك بإرادته، فلا تحله الحياة الحيوانية حتى يموت بمفارقتها. فلا وجه لتنجيسه. وأيضاً لو كان الشعر جزءاً من الحيوان لما أبيح أخذه في حال الحياة ... الخ (١).

الجواب الثاني:

قالوا: إن قوله تعالى {حرمت عليكم الميتة} (٢) عام، وقوله تعالى: {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثاً ومتاعاً إلى حين} (٣) خاص في بعضها، وهو الشعر والصوف، والوبر. والخاص مقدم على العام (٤).

[دليل ابن حزم على طهارة الشعر بالدبغ.]

استدل ابن حزم على ذلك بقوله: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علم أن على جلود


(١) مجموع الفتاوى (٢١/ ٩٧، ٩٨).
(٢) المائدة: ٣.
(٣) النحل: ٨٠.
(٤) ودفعه النووي بقوله في المجموع (١/ ٢٩٢): أن كل واحدة من الآيتين، فيها عموم وخصوص، فإن تلك الآية أيضاً عامة في الحيوان الحي والميت، وهذه خاصة بتحريم الميتة، فكل آية عامة من وجه، خاصة من وجه، فتساويتا من حيث العموم والخصوص، وكان التمسك بقوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة} أولى؛ لأنها وردت لبيان المحرم، وأن الميتة محرمة علينا، ووردت الأخرى للامتنان بما أحل لنا.
وأجاب بعضهم عن قوله تعالى: {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها} بأنها محمولة على شعر المأكول إذا ذكي، أو أخذ في حياته كما هو المعهود، وأجاب الماوردي بجواب آخر مفاده: أن من للتبعيض، والمراد بالبعض الطاهر وهو ما ذكرناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>