هل تقولون: إن المعتكف لا يصح اعتكافه إلا على طهارة؛ لأنه قرن بالصلاة، فإذا سقطت الدلالة من هذه الآية، سقطت من تلك.
وكونه قدم الطواف على الصلاة ليس دليلاً على كونه أولى بالطهارة من الصلاة، فقد يكون قدم باعتبار أن الطواف أخص بالبيت من الصلاة، فالصلاة يصليها الإنسان في كل المساجد، بل في الأرض كلها. وأما الطواف فلا يطوف الإنسان إلا في هذا البيت، والله أعلم.
وأما الأمر بتطهير المكان، فالمراد من الشرك، وهو نجاسة معنوية، ومن الخبث وهو نجاسة حسية، وأما المؤمن فإنه ليس بنجس، ولا ينجس بالحدث، ولا يمنع المحدث من دخول البيت، فليس مقصوداً في الآية.
[الدليل السادس]
أن الطواف عبادة متعلقة بالبيت، فكانت الطهارة شرطاً فيها كالصلاة.
قال ابن تيمية: وهذا القياس فاسد، فإنه يقال: لا نسلم أن العلة في الأصل كونها متعلقة بالبيت، ولم يذكروا دليلاً على ذلك، والقياس الصحيح ما بين فيه أن المشترك بين الأصل والفرع هو علة الحكم أو دليل العلة.
وأيضاً فالطهارة إنما وجبت لكونها صلاة، سواء تعلقت بالبيت أو لم تتعلق، ألا ترى أنهم لما كانوا يصلون إلى الصخرة كانت الطهارة أيضاً شرطاً