كونه مشروعاً، وأنه من أفعال المناسك، أما دلالته على الوجوب فيحتاج إلى دليل خاص، كما أن دلالته على الشرطية أو الركنية يحتاج إلى دليل خاص كذلك. فإذا كان ورود الأمر الخاص فيه نزاع في دلالته على الوجوب كما هو معلوم في أصول الفقه، فما بالك في حديث:"خذوا عني مناسككم" والذي يشمل جميع أفعال المناسك.
ولأهمية هذه المسألة رأيت أيت أن أذكر منهجي في مسائلة مهمة يختلف فيها الاجتهاد من باحث لآخر، ويترتب على الخلاف فيها اختلاف في الحكم على مئات الأحاديث صحة وضعفاً، فرأيت أن أقدم ما آراه صواباً مدعوماً بالحجة في منهج المحدثين في الشذوذ وزيادة الثقة.
ومسألة الشذوذ مسألة شائكة مترامية الأطراف، ومن أكبر أسس العلة تصحيحاً وتضعيفاً، وقد خاض في هذه المسألة طوائف من العلماء مختلفة مشاربهم، خالفوا فيها جمهور المحدثين، على رأسهم جمهور الأصوليين المتأثرين بعلم الكلام، البعيدين كل البعد عن الممارسة والتطبيق في تصحيح الأحاديث وتضعيفها وبيان عللها، وتأثر كثير من طلبة العلم بمنهج الأصوليين، وأصبح منهج جمهور المحدثين غير معمول به عند كثير من الطلبة، وممن له عمل في تصحيح الأحاديث وتضعيفها، وليست هذه هي الجناية الوحيدة من الأصوليين على مصطلح الحديث، فقد أقحموا مباحث كثيرة، ونشروا أراء لم تكن معروفة عند أهل الحديث، وليس هذا مجال بحثها.
ومما زاد الطين بلة أن الحافظ ابن حجر رحمه الله قرر في نخبة الفكر رأي الأصوليين واعتمده، فانتشر هذا الرأي بسبب انتشار النخبة، بينما الحافظ نفسه ضعف ما رجحه في النخبة في كتابه القيم النكت على مقدمة ابن