يقصد حديث أبي هريرة في الصحيحين: إن اليهود والنصارى لايصبغون فخالفوهم، فأمر بالصبغ وأطلق ولم يقيد بشيء.
والجواب: أحاديث البخاري أقوى من أحاديث مسلم بالجملة هذا مسلم، ولا نحتاج إلى الترجيح إلا حيث يوجد التعارض بحيث لا يمكن العمل بكلا الدليلين، وحديث البخاري لا يعارض هنا حديث مسلم، لأن مطلق حديث أبي هريرة بالأمر بالصبغ مقيد بحديث جابر في تجنيب السواد، والمطلق لا يعارض المقيد، كما أن العام لا يعارض الخاص، وهذا الجواب قوي لو صح الحديثان، فالمقيد يقدم على المطلق إذا كانا صحيحين، وإلا فلايقيد الحديثَ الصحيحَ حديثُ ضعيفُ، والله أعلم.
الوجه الثاني: قال: إن الحسن والحسين وسعد بن أبي وقاص قد صبغوا بالسواد، فلو كان حراماً لما فعلوه، وكذلك كانوا في زمان الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فلو كان حراماً لأنكروا عليهم (١).
وأجيب:
بأن العصمة إنما هي للوحي، وكم من حديث صحيح ثابت خالفه أفراد من الصحابة، فنعتذر للصاحب بأنه لا يتعمد الخطأ، لكن لا نبطل النص الشرعي لمخالفة بعض الصحابة، والله أعلم.