للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الجواب الخامس:

أن العقوبة الواردة في الحديث مبالغ فيها، وقد يكون من أسباب ضعف الحديث أن يرتب على العمل اليسير ثواب عظيم، أو عقاب كبير كما ذكر ذلك العلماء، وهذا يقال هنا لأن الإسناد ليس من القوة (١)، فالتحريم نحتاج للقول به إلى إسناد صحيح خال من النزاع؛ لأن الأصل الحل، ولا ننتقل عنه إلا بدليل صحيح صريح خال من النزاع.

وأجيب:

بأن الشرع هو الذي يقدر أن الذنب يسير أو عظيم، ولذلك ورد وعيد


(١) قال ابن القيم في المنار المنيف: سئلت هل يمكن معرفة الحديث الموضوع بضابط من غير أن ينظر في سنده؟
فأجاب رحمه الله: هذا سؤال عظيم القدر، وإنما يعلم ذلك من تضلع في معرفة السنن الصحيحة، واختلطت بلحمه ودمه، وصار له فيها ملكة، وصار له اختصاص شديد بمعرفة السنن والآثار، ومعرفة سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهديه فيما يأمر به وينهى عنه، ويخبر عنه، ويدعو إليه، ويحبه، ويكرهه، ويشرعه للأمة بحيث كأنه مخالط للرسول - صلى الله عليه وسلم - كواحد من أصحابه.
فمثل هذا يعرف من أحوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهديه وكلامه، وما يجوز أن يخبر به، وما لا يجوز مما لا يعرفه غيره، وهذا شأن كل متبع مع متبوعه؛ فإن للأخص به الحريص على تتبع أقواله وأفعاله من العلم بها والتمييز بين ما يصح أن ينسب إليه وما لا يصح ما ليس لمن لا يكون كذلك، وهذا شأن المقلدين مع أئمتهم يعرفون أقوالهم ونصوصهم ومذاهبهم، والله أعلم. المنار المنيف (ص: ٤٣) فلا يقطع بضعف الحديث لمجرد عظم الثواب أوالعقاب إلا من الجهبذ البصير بالعلل من أئمة علل الحديث كأحمد بن حنبل رحمه الله، ويحيى بن معين، وابن المديني والبخاري ونحوهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>