المذاهب، وما أدري ما هو البرهان الذي قام لهؤلاء المحققين حتى أخرجوه من دائرة علماء المسلمين. فإن كان لما وقع منه من المقالات المستبعدة، فهي بالنسبة لمقالات غيره المؤسسة على محض الرأي المضادة لصريح الرواية في حيز القلة المتبادلة؛ فإن التعويل على الرأي، وعدم الاعتناء بعلم الأدلة، قد أفضى بقوم إلى التمذهب بمذاهب لا يوافق الشريعة منها إلا القليل النادر. وأما داود فما في مذهبه من البدع التي أوقعه فيها تمسكه بالظاهر، وجموده عليه في غاية الندرة، ولكن: لهوى النفوس سريرة لا تعلم (١).
قال الذهبي في السير: " للعلماء قولان في الاعتداء بخلاف داود وأتباعه
- فمن اعتد بخلافهم، قال: ما اعتدادنا بخلافهم؛ لأن مفرداتهم حجة، بل لتحكى في الجملة. وبعضها سائغ، وبعضها قوي، وبعضها ساقط. ثم ما تفردوا به هو شيء من قبيل مخالفة الإجماع الظني، وتندر مخالفتهم لإجماع قطعي.
- ومن اهدرهم، ولم يعتد بهم لم يعدهم في مسائلهم المفردة خارجين بها من الدين، ولا كفرهم بها، بل يقول هؤلاء في حيز العوام، أو هم كالشيعة في الفروع، ولا نلتفت إلى أقوالهم، ولا ننصب معهم الخلاف، ولا يعتنى بتحصيل كتبهم، ولا ندل مستفتياً من العامة عليهم، وإذا تظاهروا بمسالة معلومة البطلان، كمسح الرجلين، أدبناهم وعزرناهم وألزمناهم بالغسل جزماً.
قال الأستاذ أبو إسحاق الاسفراييني: قال الجمهور إنهم _ يعني نفاة القياس _ لا يبلغون رتبة الاجتهاد ولا يجوز تقليدهم القضاء!!