فأثار الزرور والآثافي خرق فيه، ولهذا يدخله التراب، فجعلنا القليل عفواً لهذا. فأما إذا كان الخرق كبيراً فلا يجوز المسح عليه، وقدرنا القليل بما دون ثلاثة أصابع؛ لأنه إذا ظهر ثلاثة أصابع ظهر أكثر الأصابع، وللأكثر حكم الكل (١).
والدليل على أن القليل معفو عنه أن جماهير أهل العلم كانوا يعفون عن ظهور يسير العورة، وعن يسير النجاسة التي يشق الاحتراز منها، فالخرق اليسير في الخف من باب أولى.
قال ابن تيمية: " كان أحدهم - يعني الصحابة - يصلي في الثوب الضيق، حتى إنهم كانوا إذا سجدوا تقلص الثوب فظهر بعض العورة، وكان النساء نهين عن أن يرفعن رؤوسهن حتى يرفع الرجال رؤوسهم، لئلا يرين عورات الرجال من ضيق الأزر، مع أن ستر العورة واجب في الصلاة وخارج الصلاة بخلاف ستر الرجلين في الخف.
وأما دليل المالكية بتقدير القليل بما دون الثلث، واعتبار الثلث فما فوق من الكثير، فلعلهم يستدلون بما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص في الصحيحين،
(٥٦) قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص،
عن أبيه رضي الله تعالى عنه، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني عام حجة الوداع من وجع اشتد بي، فقلت: إني قد بلغ بي من الوجع، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. فقلت: