قال ابن دقيق العيد: الأمر - وإن كان ظاهره الوجوب - إلا أنه يصرف عن الظاهر لقرينة ودليل، وقد دل الدليل، وقامت القرينة ههنا؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - علل بأمر يقتضي الشك، وهو قوله:"فإنه لا يدري أين باتت يده "، والقواعد تقتضي أن الشك لا يقتضي وجوباً في الحكم , إذا كان الأصل المستصحب على خلافه موجوداً. والأصل: الطهارة في اليد، فلتستصحب.
ويجاب:
أن هذا توجيه يصح لو كانت العلة فى النهي عن غمس اليد هى نجاسة اليد، أما من يرى أن العلة تعبدية، أو أن العلة كما ذكر ابن تيمية وابن القيم: هى مبيت الشيطان على يده أو مبيتها عليه فلا يصح هذا الاستدلال. ولو كانت العلة فى الغسل النجاسة، لأرشد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى غسلها مرة واحدة، ألا ترى إلى دم الحيض يصيب الثوب، أرشد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى غسله مرة واحدة غسلة تذهب بعين النجاسة مع أن نجاسته متيقنة، فكيف بالنجاسة المتوهمة.
الدليل الثالث:
لما أرشد الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى غسل اليد ثلاث مرات قبل غمسها فى الإناء علم أنه ليس بواجب إذ لو كان واجباً لكفى فيها غسلة واحدة. قياساً على دم الحيض
وأجيب:
بأن هذا القول مبنى على أن النهي لاحتمال أن تكون اليد نجسة. والذين قالوا بالوجوب لم يعللو بذلك على أن العدد ورد حتى فى إزالة النجاسة كالاستجمار والتسبيع فى ولوغ الكلب.