للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الكلام عليه مأخذان.

الأول: أنه يبعد أن تشاهد المرأة وهي تغتسل من الجنابة.

الثاني: أن اشتراط ألا يشاهدها أحد ليس ظاهراً من الحديث، ولكن يكون الماء فضلها إذا انفردت باستعماله .. ولذا جاء في الحديث "وليغترفا جميعا " ولو كان مجرد المشاهدة يؤثر ما أرشد إلى الاغتراف جميعاً، وكان ممكن أن يقول نهى أن يتوضأ الرجل بما خلت به المرأة، وكان ممكن أن يقول: ولتغترف عند أحد.

القول الثاني في الجمع بين الحديثين:

أن النهي محمول على الكراهة، والفعل دال على الجواز (١)، وهذا هو الراجح على القاعدة الأصولية التي تقول: إن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعارض قوله.

فإذا أمر بشيء وتركه دل ذلك على أن الأمر للاستحباب، وإذا نهى عن شيء وفعله دل على أن النهي للكراهة. إلا إذا جاءنا دليل خاص يدل على أن مخالفة النبي - صلى الله عليه وسلم - خصوصية له فيبقى الأمر على أصله للوجوب، والنهي عن أصله للتحريم، وليس عندنا دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين اغتسل بفضل ميمونة أن هذا الحكم خاص به، بل عندنا دليل على أنه عام بدليل أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - علل الحكم بقوله " إن الماء لا ينجسه شيء " أو على اللفظ المرجوح " إن الماء لا يجنب " ولم يقل إني لست كهيئتكم كما قال ذلك عند الوصال في الصيام.


(١) شرح الزركشي (١/ ٣٠١)، وذكر أنه اختيار أبي الخطاب وابن عقيل، وإليها ميل المجد في المنتقى.

<<  <  ج: ص:  >  >>