ابن جريج، أخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي بكر قال: سمعت أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقص، يقول في قصصه:
من أدركه الفجر جنباً فلا يصم، فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث لأبيه، فأنكر ذلك، فانطلق عبد الرحمن وانطلقت معه حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما، فسألهما عبد الرحمن عن ذلك، قال: فكلتاهما قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبا من غير حلم، ثم يصوم. قال: فانطلقنا حتى دخلنا على مروان، فذكر ذلك له عبد الرحمن، فقال مروان: عزمت عليك إلا ما ذهبت إلى أبي هريرة، فرددت عليه ما يقول. قال: فجئنا أبا هريرة - وأبو بكر حاضر ذلك كله - قال: فذكر له عبد الرحمن، فقال أبو هريرة: أهما قالتاه لك. قال: نعم قال: هما أعلم، ثم رد أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن العباس، فقال أبو هريرة: سمعت ذلك من الفضل ولم أسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال: فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك. قلت لعبد الملك: أقالتا في رمضان. قال: كذلك كان يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم. رواه البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم (١).
وجه الاستدلال من الحديثين:
يؤخذ منهما أنه إذا كان وجوب الغسل من الحدث الأكبر لا يفسد الصوم، لم يفسد من الحائض إذا طهرت من الدم. لأن كلاً منهما يملك أن يرفع حدثه متى شاء. فالحائض عندما انقطع دمها قد طهرت من الخبث، وبقيت طهارتها من الحدث، فأصبح حدثها بعد انقطاع دمها لا يوجب إلا الغسل كالجنب تماماً،