للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأجاب النووي على هذا الدليل بقوله: "القياس على المشرك جوابه من وجهين:

الأول: أن الشرع فرق بينهما!! فقام دليل تحريم مكث الجنب، وثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حبس بعض المشركين في المسجد، فإذا فرق الشرع لم يجز التسوية.

الثاني: أن الكافر لا يعتقد حرمة المسجد، فلا يكلف بها، بخلاف المسلم، وهذا كما أن الحربي لو أتلف على المسلم شيئاً لم يلزمه ضمانه، لأنه لم يلتزم الضمان بخلاف المسلم والذمي إذا أتلفا" (١).

هذه أدلة كل فريق، والقائلون بجواز مكث الحائض في المسجد يكفيهم دليلاً أن معهم الأصل، وهو الحل، وبراءة الذمة، والقول بالتحريم فيه احتياط إلا أن أدلته محتملة، ولا يستطيع الباحث أن يجزم بتحريم المكث، فمن أراد الاحتياط فالاحتياط بابه واسع، والاحتياط في الاختيار للنفس غير الاحتياط في تحرير الأقوال، وبيان الأرجح والأقوى. فسلوك الاحتياط عند التحريم والتحليل للغير أن لا يتجرأ طالب العلم على تحريم شيء حتى يتبين له وجهه بما يستطيع به الجزم أو غلبة الظن بأن هذا حرام. قال سبحانه: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ} (٢)، ولا يكفي أن يكون هذا القول قد ذهب إليه الجمهور، فإن الحق لا يعرف بالكثرة.


(١) المجموع (٢/ ١٨٥).
(٢) النحل آية (١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>