أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: انقضي رأسك وامتشطي. وأهلي بالحج ودعي العمرة. ففعلت فلما قضينا الحج أرسلني النبي - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم، فاعتمرت، فقال: هذه مكان عمرتك. قالت: فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم حلوا، ثم طافوا طوافاً واحداً بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا (١).
(٣٢٨) ومنه ما رواه مسلم، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، ومحمد بن رمح جميعا، عن الليث بن سعد. قال قتيبة: حدثنا ليث، عن أبي الزبير،
عن جابر رضي الله تعالى عنه أنه قال: أقبلنا مهلين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحج مفرد، وأقبلت عائشة رضي الله تعالى عنها بعمرة حتى إذا كنا بسرف عركت، حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة والصفا والمروة فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يحل منا من لم يكن معه هدي. قال: فقلنا: حل ماذا؟ قال: الحل كله، فواقعنا النساء، وتطيبنا بالطيب، ولبسنا ثيابنا وليس بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال، ثم أهللنا يوم التروية، ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عائشة رضي الله تعالى عنها فوجدها تبكي، فقال: ما شأنك؟ قالت: شأني أني قد حضت، وقد حل الناس ولم أحلل، ولم أطف بالبيت، والناس يذهبون إلى الحج الآن. فقال: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاغتسلي، ثم أهلي بالحج، ففعلت، ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت
(١) صحيح البخاري (١٥٥٦)، ومسلم (١٢١١)، وقد ترجم البخاري للحديث بقوله: باب: كيف تهل الحائض، والنفساء. قال الحافظ: أي كيف تحرم.