وهذا القول وإن كان أفقه من الذي قبله، فإن الحج يسقط لما هو دون هذا من الضرر، ومع هذا ممتنع لأكثر من وجه.
الوجه الأول: لازمه سقوط الحج عن كثير من النساء، أو أكثرهن.
الوجه الثاني: القول بسقوط الحج بالعجز عن بعض الشروط قول باطل، فإن العبادات لا تسقط بالعجز عن شرائطها وواجباتها، ولا عن بعض أركانها لقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، ولهذا وجبت الصلاة بحسب الإمكان.
الوجه الثالث: القول بعدم وجوب الحج على من تخاف الحيض لا يعلم به قائل.
الخامس: أن يقال: إذا لم يمكنها الطواف، ولا المقام بمكة أن ترجع وتبقى محرمة تمتنع من النكاح ووطء الزوج إلى أن يمكنها الرجوع، فإن لم يمكنها بقيت محرمة إلى أن تموت.
وهذا ممتنع من وجوه:
أولاً: أن الله لم يأمر أحداً أن يبقى محرماً إلى أن يموت، حتى المحصر بعدو له أن يتحلل باتفاق العلماء، والمحصر بمرض أو فقر له أن يتحلل على الأرجح من أقوال أهل العلم.
ثانياً: أن في هذا إيجاب سفرين كاملين على الإنسان للحج من غير تفريط منه ولا عدوان، وهذا خلاف الأصول. فإن الله لم يوجب الحج على الناس إلا مرة واحدة، وإذا أوجب القضاء على المفسد فذلك بسبب جنايته على إحرامه،