فقوله "فإذا ذهب قدرها" صريح باعتبار العادة ... قال ابن رجب في شرح البخاري (٢/ ٥٨): "والأظهر - والله أعلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما ردها إلى العادة لا إلى التمييز، لقوله: "فإذا ذهب قدرها" اهـ. ورواه البخاري (٣٢٥): من طريق أبي أسامة عن هشام به بلفظ: "ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها". ورواه أبو عوانة عن هشام به عند ابن حبان (١٣٥٥): "تدع الصلاة أيامها". ورواه البخاري (٣٢٠) من طريق ابن عيينة عن هشام به بلفظ: "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي". ورواه البخاري (٣٣١) من طريق زهير. ورواه مسلم (٣٣٣) من طريق وكيع عن هشام به بنفس اللفظ إلا أنه قال: "فاغسلي عنك الدم". وهذا الحديث علق الحكم بالإقبال والإدبار، فظاهر الحديث أنه يردها إلى التمييز، وهذا ما فهمه الحافظ ابن حجر في الفتح (١/ ٥٣٩) ح ٣٠٦ حيث قال: "والحديث دليل على أن المرأة إذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة، تعتبر دم الحيض، وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقضى قدره اغتسلت عنه ثم صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث فتتوضأ لكل صلاة" الخ كلامه رحمه الله. والصحيح أنه محمول على ردها إلى العادة ولا تعارض بينه وبين ما سبق وقوله: "فإذا أقبلت" يعني: وقت الحيضة وزمنها، وقوله: "وإذا أدبرت: أي أدبر وقتها جمعاً بينهما، لأن في رواية أبي حمزة عن هشام به عند ابن حبان (١٣٥٤): فإذا أقبل الحيض فدعي الصلاة عدد أيامك التي كنت تحيضين. ففي هذه الرواية جمع بين قوله: "فإذا أقبل الحيض" وبين قوله: "فدعي الصلاة عدد أيامك" فلو كان يقصد من إقبال المحيض وإدباره التمييز، ما قال: "فدعي الصلاة عدد أيامك".