للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسوف يكون كلامنا في تناول هذه الآيات، والحديثين.

فقد ذكر الله سبحانه وتعالى أطوار خلق الإنسان، فبين أن ابتداء خلقه من تراب، فالتراب هو الطور الأول.

والطور الثاني: هو النطفة.

والنطفة في اللغة: هو الماء القليل. ومنه قول الشاعر

وما عليك إذا أخبرتني دنفاً ... وغاب بعلك يوماً أن تعوديني

وتجعلي نطفة في القعب باردة ... وتغمسي فاك فيها ثم تسقيني

فقوله: وتجعلي نطفة: أي ماء قليلاً في القعب، والمراد بالنطفة في هذه الآية الكريمة: نطفة المني المختلطة من ماء الرجل، وماء المرأة خلافاً لمن زعم أنها من ماء الرجل وحده.

قال الزبيدي في تاج العروس: في التنزيل {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} قال الفراء: الأمشاج: هي الأخلاط: ماء الرجل، وماء المرأة، والدم والعلقة (١).


والمقصود في حديث ابن مسعود هو التخلق الجلي الذي يظهر لكل الناس. والله أعلم. ثم وجدت من كلام أهل العلم ما يؤيد هذا، قال ابن القيم كما في فتح الباري: قوله "ثم تكون علقة مثل ذلك" فإن العلقة وإن كانت قطعة دم لكنها في هذه الأربعين الثانية تنتقل عن صورة المني، ويظهر التخطط فيها ظهوراً خفياً على التدريج، ثم يتصلب في الأربعين يوماً بتزايد ذلك التخلق شيئاً فشيئاً حتى يصير مضغة مخلفة ويظهر للحس ظهوراً لا خفاء به، وعند تمام الأربعين الثالثة والطعن في الأربعين الرابعة ينفخ فيه الروح.
(١) ونقل البخاري هذا الكلام في صحيحه في تفسير سورة الإنسان (٨/ ٨٨٤) غير منسوب، وأوضح ابن حجر أن هذا الكلام للفراء. والله أعلم

<<  <  ج: ص:  >  >>