للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال صاحب الدر المنثور بعد ذكر بعض الروايات في تفسير الأمشاج بالأخلاط من ماء الرجل وماء المرأة. وأخرج الطستي عن ابن عباس: أن نافع ابن الأزرق (١) قال: أخبرني عن قوله: {مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ} قال: أخلاط ماء الرجل وماء المرأة إذا وقع في الرحم. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم. أما سمعت أبا ذؤيب وهو يقول:

كأن الريش والفوقين منه ... خلال النصل خالطه مشيج

ونسب في اللسان هذا البيت لزهير بن حرام الهذلي، وأنشده هكذا:

كأن النصل والفوقين منها ... خلال الريش سيط به مشيج


الجنين، وشبهوا ذلك بالبذرة ترمى في الأرض فتأخذ منها غذاءها، وتخرج شجرة يافعة وارفة الظلال يانعة الثمار، وليس للمرأة دور في إيجاد الجنين سوى رعايته وتغذيته ..
ثم ذكر نظريات الناس حول إيجاد الجنين من وقت ارسطو إلى القرن التاسع عشر، وقال بعد عرضها لها:
وهكذا يبدو بوضوح أن الإنسانية لم تعرف بواسطة علومها التجريبية أن الجنين الإنساني أو الحيواني يتكون من امتشاج واختلاط نطفة الذكر ونطفة الأنثى إلا في القرن التاسع عشر، ولم يتأكد لها ذلك إلا في القرن العشرين، والاعجاز في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة أنهما قد أكدا بما لا يدع مجالاً للشك أن الإنسان إنما خلق من نطفة مختلطة سماها النطفة الأمشاج {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}.
(١) نافع بن الأزرق الحروري، له ترجمة في لسان الميزان (٦/ ١٤٤)، وقال: ذكره الجوزجاني في كتاب الضعفاء. وكان نافع من رؤوس الخوارج، وإليه تنسب الطائفة الأزارقة، وكان قد خرج في أوائل دولة يزيد بن معاوية، وكان قتله في جمادى الآخرة، سنة خمس وستين، وكان يطلب العلم وله أسئلة عن ابن عباس، في جزء من روايته عن نافع المذكور، وأخرج الطبراني بعضها في مسند ابن عباس من المعجم الكبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>