وقد صرح ابن جريج بالتحديث في الرواية المرسلة. وقد صوب الدارقطني إرساله. وكذلك رجح الحافظ إرساله، فقال في النكت (١/ ٤١٢): " ومن هذا الوجه رواه الدارقطني، وهذا رجاله رجاله مسلم، إلا أن له علة؛ فإن أبا كامل الجحدري تفرد به عن غندر، وتفرد به غندر عن ابن جريج، وخالفه من هو أحفظ منه وأكثر عدداً، فرواه عن ابن جريج عن سليمان بن موسى، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - معضلاً. ثانياً: ما ذكره الحافظ في النكت (١/ ٤١٣): أن سماع غندر عن ابن جرير كان بالبصرة، وابن جريج لما حدث بالبصرة حدث بأحاديث وهم فيها، وسماع من سمع منه بمكة أصح. ثالثاً: ما قاله ابن عدي في الكامل (٤/ ١٩٦)، ونقله الحافظ عنه في النكت معتداً به، عن أبي كامل، قال: لم أكتب عن غندر إلا هذا الحديث، أفادنيه عنه عبد الله بن سليمان الأفطس. اهـ والأفطس قد قال فيه يحيى بن سعيد القطان: ليس بثقة. وقال النسائي وغيره: متروك. انظر الميزان (٢/ ٤٣١). رابعاً: أن الرواية الموصولة فيها عنعنة ابن جريج، وهو مدلس، بخلاف الرواية المرسلة، والله أعلم. وقد قبل ابن الجوزي في التحقيق (١/ ٣٨٥) الرواية الموصولة، فقال: أبو كامل لا نعلم أحداً طعن فيه، والرفع زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، كيف وقد وافقه غيره، فإن لم يعتد برواية الموافق اعتبر بها، ومن عادة المحدثين أنهم إذا رأوا من وقف الحديث ومن رفعه وقفوا مع الواقف احتياطاً، وليس هذا مذهب الفقهاء، ومن الممكن أن يكون ابن جريج سمعه من عطاء مرفوعاً، ورواه له سليمان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير مسند". اهـ ونقل ابن عبد الهادي في التنقيح (١/ ٣٨٥) عن ابن القطان فقال: وقد زعم ابن القطان أن إسناد هذا الحديث صحيح، لثقة رواته وإيصاله، وإنما أعله الدارقطني بالاضطراب في إسناده، فتبعه عبد الحق على ذلك، وهو ليس بعيب فيه، والذي قال فيه الدارقطني هو أن أبا كامل تفرد به عن غندر، ووهم فيه عليه، هذا ما قال، ولم يؤيده بشيء، ولا عضده بحجة غير أنه ذكر أن ابن جريج الذي دار الحديث عليه يروى عنه، عن سليمان بن موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، قال: وما أدري ما الذي يمنع أن يكون عنده في ذلك حديثان: مسند ومرسل. اهـ =