للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولكنها طهارة من الخبث، وهي النجاسة، ومع ذلك اعتبرها الشارع طهارة شرعية، بل لو قيل: إن الطهارة من النجاسة هي الأصل في إطلاق الطهارة؛ لأن الطاهر عكس النجس، بخلاف طهارة الحدث فإنها ليست عن نجاسة، وقد لا يزال بها وساخة لم يكن القول بعيداً من حيث اللغة.

بهذه الأدلة تبين لنا أن رفع الحدث طهارة، وزوال النجاسة طهارة أيضاً. وقد جمع الله سبحانه وتعالى طهارة الحدث، وطهارة النجاسة في آية واحدة في سورة البقرة على القول الصحيح. قال تعالى {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} (١). فقوله سبحانه: حتى يطهرن. أي من النجاسة، التي هي انقطاع دم الحيض. وقوله: فإذا تطهرن: أي من الحدث الأكبر بالغسل بعد الطهارة من الحيض.

النوع الثالث: هناك طهارة لا يرتفع بها الحدث، ولا تزال بها النجاسة، وهي مع ذلك طهارة شرعية. سماها الفقهاء: " في معنى ارتفاع الحدث، وفي معنى إزالة النجاسة.

فالطهارة التي في معنى ارتفاع الحدث كتجديد الوضوء، فهو طهارة شرعية، ومع ذلك لم يرتفع بها الحدث، لأن الحدث قد ارتفع، ومثله الأغسال المستحبة شرعاً، ومثله الغسلة الثانية والثالثة في الوضوء.

والطهارة التي في معنى إزالة النجاسة طهارة المستحاضة، فإنه يحكم لها بالطهارة وإن كان الحدث مستمراً، ومثله من به سلس بول، ومن قال: إن هذه إستباحة وليست طهارة فالخلاف معه قريب من اللفظي (٢)، لأننا إذا


(١) البقرة، آية: ١٢٢.
(٢) وقد يقال: إنه خلاف معنوي، وله ثمرة، حيث إنهم يوجبون على المتيمم التيمم =

<<  <  ج: ص:  >  >>