وسئل ابن تيمية: إذا مس يد الصبي الأمرد, فهل هو من جنس النساء في نقض الوضوء, وما جاء في تحريم النظر إلى وجه الأمرد الحسن؟ وهل هذا الذي يقوله بعض المخالفين للشريعة إن النظر إلى وجه الصبي الأمرد عبادة, وإذا قال لهم أحد: هذا النظر حرام يقول: أنا إذا نظرت إلى هذا أقول: سبحان الذي خلقه, لا أزيد على ذلك؟
فأجاب رحمه الله: الحمد لله، إذا مس الأمرد لشهوة ففيه قولان في مذهب أحمد وغيره:
أحدهما: أنه كمس النساء لشهوة ينقض الوضوء, وهو المشهور من مذهب مالك , ذكره القاضي أبو يعلى في شرح المذهب.
والثاني: أنه لا ينقض الوضوء وهو المشهور من مذهب الشافعي, والقول الأول أظهر؛ فإن الوطء في الدبر يفسد العبادات التي تفسد بالوطء في القبل: كالصيام والإحرام والاعتكاف, ويوجب الغسل كما يوجبه هذا, فتكون مقدمات هذا في باب العبادات كمقدمات هذا , فلو مس الأمرد لشهوة وهو محرم , فعليه دم كما لو مس أجنبية لشهوة, وكذلك إذا مسه لشهوة وجب أن يكون كما لو مس المرأة لشهوة في نقض الوضوء. والذي لم ينقض الوضوء بمسه يقول: إنه لم يخلق محلا لذلك, فيقال له: لا ريب أنه لم يخلق لذلك, وإن الفاحشة اللوطية من أعظم المحرمات, لكن هذا القدر لم يعتبر في باب الوطء، فإن وطئ في الدبر تعلق به ما ذكر من الأحكام, وإن كان الدبر لم يخلق محلا للوطء, مع أن نفرة الطباع عن الوطء في الدبر أعظم من نفرتها عن الملامسة, ونقض الوضوء بالمس يراعى فيه حقيقة الحكمة, وهو أن يكون المس لشهوة عند الأكثرين: كمالك , وأحمد , وغيرهما , كما يراعى مثل