للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذهب عطاء (١)، والحسن (٢)، وإبراهيم النخعي (٣)، إلى أن معنى قوله: {ولا جنباً إلا عابري سبيل} الجنب يمر في المسجد.

وقد اختلف العلماء في معنى الآية على قولين:

الأول: أن معنى قوله: {ولا جنباً إلا عابري سبيل} أي: لا تقرب موضع الصلاة وأنت جنب إلا أن تكون ماراً في المسجد غير ماكث فيه.

وعليه فيكون معنى قوله: {لا تقربوا الصلاة} أي لا تقربوا مواضع الصلاة (٤).

وقد تقدم أن هذا القول مروي عن ابن مسعود.


(١) رواه ابن أبي شيبة (١/ ١٣٥) بسند رجاله ثقات وفيه عنعنة ابن جريج عن عطاء لكنه مكثر عن عطاء فلعلها تغتفر.
(٢) رواه ابن جرير الطبري (٩٥٥٩) بسند رجاله ثقات وفيه عنعنة قتادة، وهو مدلس مكثر.
(٣) رواه ابن أبي شيبة (١/ ١٣٥) رقم ١٥٥٤ بسند صحيح.
(٤) انظر تفسير القرطبي (٥/ ١٠٠)، تفسير مجاهد (١/ ١٥٨)، زاد المسير (٢/ ٩٠)، فتح القدير (١/ ٤٦٩)، مشكل إعراب القرآن (١/ ١٩٨)، تفسير ابن كثير (١/ ٥٠٣) ورجح أن المراد بقوله " إلا عابري سبيل " أي المجتاز مراً. قال ابن كثير: " لو كان معنياً به المسافر لم يكن لإعادة ذكره في قوله {وإن كنتم مرضى أو على سفر} معنى مفهوم.
وفي أحكام القرآن للجصاص (٣/ ١٦٩) ورجح أن المراد به المسافر، قال: " وما روي عن علي وابن عباس في تأويله: أن المراد المسافر الذي لا يجد الماء فيتيمم أولى من تأويل من تأوله على الاجتياز في المسجد؛ وذلك لأن قوله تعالى: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} نهي عن فعل الصلاة في هذه الحال، لا عن المسجد؛ لأن ذلك حقيقة اللفظ، ومفهوم الخطاب، وحمله على المسجد عدول بالكلام عن حقيقته إلى المجاز: بأن تجعل الصلاة عبارة عن موضعها، كما يسمى الشيء باسم غيره للمجاورة، أو لأنه تسبب منه كقوله تعالى {لهدمت صوامع وبيع وصلوات} يعني به مواضع الصلاة، ومتى أمكننا استعمال اللفظ على حقيقته لم يجز صرف ذلك عن الحقيقة، وفي نسق التلاوة ما يدل على أن المراد حقيقة الصلاة وهو قوله تعالى: {حتى تعلموا ما تقولون}.

<<  <  ج: ص:  >  >>