وأمر آخر، وهو المهم، أن الحديث ظاهره أن لفظه كله مرفوع، ويحتمل أن المرفوع ينتهي عند قوله: " هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ "، وأما قوله: " ثم قرأ شيئاً من القرآن، ثم قال: هذا لمن ليس بجنب، وأما الجنب فلا ولا آية " فيحتمل أنه من قول علي موقوفاً عليه، ويحتمل أن يكون موصولاً بالقدر المرفوع، ومع الاحتمال يطلب مرجحاً لأحد الأمرين، فوجدت الدارقطني في سننه (١/ ١١٨) قد أخرجه من طريق يزيد بن هاورن، نا عامر بن السمط، ثنا أبو الغريف الهمداني، قال: كنا مع علي في الرحبة، فخرج إلى أقصى الرحبة، فوالله ما أدري أبولاً أحدث أم غائطاً؟ ثم جاء فدعا بكوز من ماء، فغسل كفيه، ثم قبضهما إليه، ثم قرأ صدراً من القرآن، ثم قال: اقرؤا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة، فإن أصابته جنابة، فلا ولا حرفاً واحداً. وقال الدارقطني: هو صحيح عن علي. فرواية يزيد بن هارون عن عامر بن السمط صريحة بالوقف. وأخرجه عبد الرزاق (١٣٠٦) عن الثوري، عن عامر الشعبي، قال سمعت أبا الغريف الهمداني، يقول: ... . وذكر الأثر موقوفاً على علي. وأظن قوله (عامر الشعبي) خطأ، بل هو عامر بن السمط. وقد راجعت ترجمة أبي الغريف في تهذيب المزي ولم أجد من تلاميذه عامر الشعبي. ورواه شريك، عن عامر بن السمط به موقوفاً على علي، كما في المصنف لابن أبي شيبة (١٠٨٦). ورواه ابن المنذر في الأوسط (٢/ ٩٦،٩٧) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي (الطحان)، ومن طريق إسحاق بن راهوية، فرقهما، عن عامر بن السمط به، موقوفاً على عليّ. فيكون على هذا رواه الثوري، ويزيد بن هارون، وإسحاق بن راهوية، وخالد بن عبد الله الطحان، وشريك، خمستهم رووه عن عامر بن السمط عن أبي الغريف، عن عليّ موقوفاً عليه، وخالفهم عائذ بن حبيب، فرواه عن عامر بن السمط، عن علي بلفظ محتمل للرفع والوقف، ورواية الجماعة مقدمة على رواية عائذ على القول بالتعارض، لأن الواحد من هؤلاء مقدم على عائذ ابن حبيب ولا مقارنة. فتكون رواية عائذ بالرفع شاذة؛ لمخالفتها من =