قلت: كان الحكم ومنصور قرينان في الرواية عن إبراهيم، وهما مقدمان في غيرهما من أصحاب إبراهيم رحمه الله، وسواء كان التفرد من الحكم، أو من إبراهيم نفسه، فقد خالف غيره ممن روى الحديث عن الأسود، كما خالف كل من روى الحديث عن عائشة من غير طريق الأسود، وهذا هو المقصود. ثانياً: أن الإمام أحمد رحمه الله ما كان يسوي بين وضوء الجنب للنوم، ووضوئه للأكل، مع أن حديث عائشة قد قرن بينهما في هذا الطريق، ففي مسائل أحمد رواية ابنه صالح (٤٣٣): وسألته عن الجنب يأكل، أو يشرب؟ قال: هو أسهل من النوم، والنوم يتوضأ ". فهنا الإمام أحمد لم يجعل الوضوء للنوم والأكل سواء. مع ما ذكره الخلال عن أحمد من تفرد شعبة بذكر الوضوء للأكل يدرك أن هذه الزيادة في النفس منها شيء. وكان الإمام مالك أيضاً لا يسوى بين الوضوء للنوم، والوضوء للأكل، كما في المدونة (١/ ٣٠): قال مالك: لا ينام الجنب حتى يتوضأ، ولا بأس أن يعاود أهله قبل أن يتوضأ، قال: ولا بأس أن يأكل قبل أن يتوضأ ". ثالثاً: أن شعبة، وهو الراوي لهذه الزيادة قد تركها عمداً في آخر الأمر. قال أحمد بن حنبل كما في مسنده (٦/ ١٩١): قال يحيى، يعني ابن سعيد القطان: ترك شعبة حديث الحكم في الجنب: " وإذا أراد أن يأكل توضأ ". اهـ فإذا كان الرواي لهذه الزيادة قد تركها، وحذفها عمداً في آخر الأمر، فكيف لي أن أقبلها، خاصة مع ما ذكر من التفرد. وفي الإمام لابن دقيق العيد (٣/ ٩٢): " عن أحمد بن القاسم، قال: سمعت أبا عبد الله يقول: " إذا أراد أن ينام فليتوضأ وضوءه للصلاة على الحديث (ثم ينام)، فأما إذا أراد أن يطعم، فليغسل يديه، ويمضمض، ويطعم؛ لأن الأحاديث في الوضوء لمن أراد النوم، قال: وبلغني أن شعبة ترك حديث الحكم بآخرة، فلم يحدث به في من أراد أن يطعم؛ وذلك لأنه ليس يقوله غيره، إنما هو في النوم ". =