للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بياناً لأمر واجب، يكون حكمه حكم ذلك الواجب، كما أن قوله سبحانه وتعالى: {وأقيموا الصلاة} (١)، مجمل، وجاء بيانه من فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فكان امتثال الصفة الورادة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في صفة الصلاة واجبة؛ لكونها بياناً لأمر مجمل، وقل مثله في كثير من الأوامر المجملة في كتاب الله تعالى كما في قوله تعالى: {وآتوا الزكاة} (٢).

وأما الجمهور فيرون أن قوله تعالى {فاطهروا} أمر مبين وليس مجملاً، وكذلك قوله تعالى {ولا جنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا} (٣)، فالغسل ليس مبهماً، وإنما هو مبين، فأباح الله سبحانه وتعالى الصلاة بالاغتسال، فمن شرط الوضوء مع الغسل فقد زاد في الآية ما ليس فيها، ولو كان الوضوء واجباً لذكره الله سبحانه وتعالى، كما أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد أفتى الصحابة بالاغتسال من الجنابة، ولم يذكر لهم الوضوء في أحاديث صحيحة، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة الرجل الذي أصابته جنابة ولا ماء، قال: خذ هذا فأفرغه عليك، رواه البخاري (٤)، فلم يطلب إلا إفراغ الماء على بدنه.

وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأم سلمة: «إنما كان يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء فتطهرين». رواه مسلم (٥).

فاكتفى بالإفاضة، ولم يذكر الوضوء، وجاء بلغة (إنما) الدالة على الحصر.


(١) النور: ٥٦.
(٢) النور: ٥٦.
(٣) النساء: ٤٣.
(٤) صحيح البخاري (٣٣٧) من حديث طويل.
(٥) صحيح مسلم (٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>