وقد وصفت عائشة وميمونة رضي الله عنهما كل شيء في غسله، من غسل الكفين ثلاثاً، ثم غسل الفرج، ثم وضوء الصلاة بتقديم اليد اليمنى على اليد اليسرى، والرجل اليمنى على اليسرى، ثم تخليل أصول الشعر، ثم غسل الرأس بثلاث غرفات، ثم غسل القدمين بعد الفراغ من الغسل، فهل يمكن أن يفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - التيامن في غسل البدن، من تقديم الشق الأيمن، ثم الأيسر، ولا ينقلان ذلك، بل إن عائشة نقلت تقديم غسل الجانب الأيمن من الرأس، ثم الجانب الأيسر منه، ثم وسط الرأس، ولما كان التيامن في غسل الرأس مشروعاً، حفظ لنا بالنقل الخاص الصريح، فهل نحن بحاجة إلى استخدام عمومات، أو استخدام القياس في استحباب التيامن في غسل البدن، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل عند أزواجه، وينقلان لنا صفة غسله، ثم لا ينقلان لنا التيامن في غسل البدن؟
إن التيامن إما أن يكون مشروعاً، فيكون أولى الناس بفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتكون أمهات المؤمنين قد أهملن نقل هذه الصفة لنا من فعله - صلى الله عليه وسلم -؟ وإما أن يكون التيامن غير مشروع، ويكون تركهن لنقل التيامن في غسله دليلاً على أنه لم يكن يفعل هذه الصفة، وما تركه عليه الصلاة والسلام كانت السنة تركه، والله أعلم، إنني أبحث عن حديث صحيح صريح في استحباب تقديم الشق الأيمن في غسل البدن من الجنابة، وفي استحباب تأخير الشق الأيسر منه، إن الذي أراه أن البدن عضو واحد، والعضو الواحد الأصل فيه عدم تقسيمه إلى أيمن وأيسر، نعم ورد هذا في الرأس على خلاف الأصل، فنقتصر عليه، ولا نتعداه، انظر إلى الأذنين في الوضوء لما كانت من الرأس بحكم العضو الواحد مسحا جميعاً دون تقصد في تقديم اليمنى على اليسرى،