يشرع عند النوم والأكل والمعاودة ... تخفيفاً للجنابة .... وإذا ثبت تخفيف الحدث الأكبر في بعض البدن، فكذلك الحدث الأصغر " (١).
ويجاب:
أما قولكم في المسح على الخفين بأنه جمع بين الأصل والبدل، فيقال: إن المسح على الخفين بدل عن غسل الرجل، وليس بدلاً عن الوضوء، حتى يقال: جمع بين البدل والمبدل منه، فقد سقط غسل القدم إلى بدله، وهو المسح، ولم يجمع بين الغسل والمسح، وكذلك يقال في الجبيرة، فمسح الجبيرة بدل عن غسل الجرح، ولم يجمع بين مسح الجرح وغسله، فتأمل.
وأما قياسكم على تخفيف الحدث، في مشروعية غسل بعض الأعضاء، دون بعض، فكذلك غسلها في مسألتنا، فهذا الكلام ظاهره القوة، ولكن يعكر عليه ما يلي:
أولاً: نحن نوجب أمراً قياساً على أمر مستحب، فإن كان الفرع له حكم الأصل، فالأصل غير واجب، فكيف يكون الفرع واجباً، فتخفيف الحدث في غسل الجنابة للأكل والوطء مستحب، وليس بواجب، فكذلك ما قيس عليه ينبغي أن يكون كذلك.
ثانياً: لو سلم هذا الفعل في الحدث الأكبر، وأن الجنب إذا قدر على الوضوء، وعجز عن الغسل فله أن يتوضأ بالماء، ويتيمم عن الجنابة، وهي مسألة سوف نتعرض لها إن شاء الله تعالى، فأين الدليل من الشرع على جريانه بالحدث الأصغر، وأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد عمد إلى تخفيف الحدث الأصغر بغسل بعض أعضائه، فلم يقع هذا منه - صلى الله عليه وسلم - لا في حديث صحيح، ولا في حديث ضعيف أنه خفف الحدث الأصغر، فكيف نوجب على الإنسان أن يستعمل الماء في الحدث الأصغر على بعض أعضائه، وأن ذلك من باب تخفيف الحدث، قياساً على تخفيف الحدث الأكبر، وهو أمر لم يحدث منه - صلى الله عليه وسلم - قط، فلو تعبد أحد بتخفيف الحدث الأصغر بغسل