للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: أن الوضوء من جنس الغسل، شرع بين يديه أهبة له، كالمضمضة والاستنشاق قبل الوضوء، والإقامة بين يدي الصلاة، والصدقة بين يدي النجوى، والوضوء ليس من جنس التيمم، فلا يشرع تهيؤ له.

وثانيهما: أن أعضاء الوضوء أشرف الجسد لكونها موضع التقرب إلى الله، فكانت البداءة به أولى، والتيمم شرع في عضوين منها، فالوضوء يأتي عليهما وعلى غيرهما، فلا معنى للبداية بالوضوء" (١).

قلت: هذا الكلام وجيه في عدم استحباب الوضوء في تيمم الجنب، لكن لو أحدث حدثاً أصغر، فما الدليل على أنه لا يشرع له الوضوء بالماء مع القدرة عليه؟

أجاب الحطاب في مواهب الجليل بقوله: " وإن تيمم الجنب، ثم أحدث، أو نام ثم وجد من الماء قدر الوضوء، لم يجزه الوضوء به؛ لأنه عاد جنباً، وكذلك يعود بدخول وقت صلاة ثانية " (٢).

قلت: يعود جنباً بوجود الماء الذي يكفي لرفع حدثه الأكبر، ولو قلنا: إنه يعود جنباً بوجود هذا الماء القليل لما صح تيممه الأول عن الجنابة مع وجود الماء القليل، فلما ألغينا اعتبار وجود الماء في التيمم الأول عن الجنابة، يجب أن نلغي عود الجنابة ببقاء هذا الماء إلا أن يجنب، فإذا أحدث حدثاً أصغر توضأ عنه لقدرته على الوضوء، والله أعلم.


(١) الذخيرة (١/ ٣٣٩).
(٢) مواهب الجليل (١/ ٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>