للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا القول ضعيف جداً؛ لأنه لو لم يجز التيمم إلا لفقد الماء لكان ذكر المرض لا فائدة له.

ومن حيث المعنى، فإن فائدة وجود الماء: هو الاستعمال والانتفاع، وذلك بالقدرة على ذلك، فمعنى قوله: {فلم تجدوا ماء} أي: فلم تقدروا؛ ليتضمن ذلك الوجوه المتقدمة المذكورة: وهي المرض والسفر، فإن المريض واجد للماء صورة، ولكنه لما لم يتمكن من استعماله لضرر، صار معدماً حكماً؛ فالمعنى الذي يجمع نشر الكلام (فلم تقدروا على استعمال الماء) وهذا يعم المرض والصحة إذا خاف من أخذ الماء لصاً أو سبعاً، ويجمع الحضر والسفر، وهذا هو العلم الصريح، والفقه الصحيح، والأصوب بالتصحيح، ألا ترى أنه لو وجده زائداً عن قيمته جعله معدماً حكماً، وقيل له: تيمم، فتبين أن المراد: هو الوجود الحكمي، وليس الوجود الحسي (١).

وقد حكى الإجماع جماعة من أهل العلم على أن المريض يباح له التيمم،

قال السرخسي: " وأما إذا كان يخاف الهلاك باستعمال الماء، فالتيمم جائز له بالاتفاق " (٢).

وقال ابن عبد البر: أجمع علماء الأمصار بالحجاز والعراق والشام والمشرق والمغرب فيما علمت أن التيمم بالصعيد عند عدم الماء طهور كل مريض أو مسافر ... " (٣).

وقال القاضي ابن رشد: " أمر الله سبحانه وتعالى المسافر والمريض


(١) أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٥٥٥).
(٢) المبسوط (١/ ١١٢).
(٣) الاستذكار (٢/ ٣)، التمهيد (١٩/ ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>