للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجاء في مسائل أبي داود: " قلت لأحمد: المرأة تكون في القرية، والماء عنده مجتمع الفساق، فتخاف أن تخرج، أتتيمم؟ قال: لا أدري " (١).

ولعل الإمام أحمد رأى أن هذا الأمر قد يكون من المرأة من قبيل توهم الخوف الذي لا حقيقة له، وإلا فإن المرأة إذا خافت على عرضها حرم عليها الخروج؛ لأن المحافظة على العرض أولى من تحصيل الطهارة بالماء، وإذا كان يشرع له التيمم إذا خاف على ماله من اللصوص، فلأن يشرع له التيمم إذا خاف على عرضه من باب أولى فأولى.

كما جاء في مسائل أحمد رحمه الله: " قلت لأحمد: الذي يخاف أن يأتي الماء أيتيمم؟ قال: مم يخاف؟ قلت: من لا شيء، خاف هو بالليل. قال: رجل يخاف السبع؟ قلت: ليس سبع. فقال أحمد: لا بد من أن يتوضأ " (٢).

قلت: الخوف من الليل هو نوع من المرض، والمرض يبيح التيمم، ومقصود الشرع من مشروعية التيمم رفع الحرج، وتكليف هذا الرجل بالوضوء مع مرضه هذا يلحقه أذى نفسي شديد، فلا أرى حرجاً من تيمم هذا الرجل، وأكثر من يخاف من الليل أصحاب الأمراض النفسية المسمى في عصرنا بالاكتئاب، ويصيب كبار السن أكثر من غيرهم، فتجدهم يخافون من الظلمة، وإذا سألتهم مم يخافون؟ قالوا: لا ندري، نسأل الله لنا ولهم السلامة والعافية.


(١) مسائل أبي داود (١٢١).
(٢) مسائل أحمد برواية أبي داود (١٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>