للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا مقتضى القياس الصحيح.

ولا يمكن لكم أن تخرجوا من هذا القياس الصحيح بقولكم إن الوضوء يرفع الحدث بخلاف التيمم؛ لأننا لا نسلم أن التيمم ليس رافعاً للحدث، وقد تم مناقشة هذه المسألة في مسألة مستقلة، وتبين لنا بدليل الكتاب والسنة أن التيمم جعله الله مطهراً لهذه الأمة كما في قوله تعالى: {ولكن يريد ليطهركم}

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً" (١).

وقوله أيضاً: الصعيد الطيب طهور المسلم (٢)، وهذه الأحاديث صحيحة، سبق تخريجها في أول البحث، وكلها نص في موضع النزاع، وأن التيمم طهور المسلم، والطهور: هو ما يطهر غيره، ولو كان المراد طاهراً لم يكن فيه خصوصية، فإن التراب طاهر لنا ولغيرنا من الأمم، وإنما اختصت هذه الأمة بكون التيمم مطهر.

كما أن القياس على طهارة المستحاضة، وأن طهارتها يشترط لها دخول الوقت، فهذه مسألة فيها نزاع أيضاً، ولا يوجد حديث صحيح يأمر المستحاضة بأنها لا تتوضأ إلا بعد دخول الوقت، ولا بأمرها بالوضوء لكل صلاة، وإنما صح هذا من قول عروة رضي الله عنه موقوفاً عليه، فالمستحاضة ومن به سلس بول إذا توضأ فهو على طهارته، يصلي به ما شاء من الفروض والنوافل، خرج الوقت أو لم يخرج، والحدث الدائم لا يؤثر في طهارته شيئاً؛ لأنه مغلوب عليه، فوجوده كعدمه، وهذا مذهب المالكية، وسبق بحث هذه المسألة في باب نواقض الوضوء، وإذا بطل المقيس عليه بطل المقيس.


(١) صحيح البخاري (٣٣٥)، ومسلم (٥٢١).
(٢) سبق تخريجه في كتابي أحكام الطهارة: كتاب المياه، رقم: (٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>