للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا أقوى دليل لمن اشترط التراب، وأجيب عنه بأجوبة منها:

الأول: أن حديث جابر: " جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً " منطوقه يدل على أن جميع الأرض طهور.

وحديث حذيفة منطوقه يدل على أن التراب طهور، فمنطوقه موافق لمنطوق حديث جابر.

ومفهوم حديث حذيفة: أن غير التراب ليس مطهراً، وإذا تعارض في غير التراب دلالة المفهوم الذي يقتضي عدم طهوريته، ودلالة المنطوق الذي يقتضي طهوريته، فالمنطوق مقدم على المفهوم، لأن دلالة المفهوم دلالة ضعيفة، بخلاف المنطوق، ولا يمكن أن نخصص أو نقيد بالمفهوم (١).

الجواب الثاني:

إذا ذكر عموم أو مطلق بحكم، ثم ذكر فرد من أفراده بحكم يوافق حكم العام أو المطلق، فإن هذا الفرد لا يعتبر مخصصاً ولا مقيداً للعموم.

مثال ذلك: إذا قلنا: أكرم طلبة العلم، فهذا لفظ يفيد عموم الطلبة، ثم قلنا: أكرم زيداً، وكان زيد من طلبة العلم، فإنه لا يفهم منه تخصيص الإكرام لزيد وحده.

فحديث جابر: " جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً " مطلق يشمل جميع الأرض.

وحديث " وجعلت تربتها لنا طهوراً " التراب فرد من أفراد الأرض، ذكر بحكم يوافق حكم الأرض بكونها طهوراً، فلم يقتض ذلك تقييداً ولا تخصيصاً.


(١) التخصيص بالمفهوم محل خلاف بين الأصوليين، وتحريرها في كتب الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>