للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن قدامة: "ويستحب أن يمسح إحدى الراحتين بالأخرى، وليس بفرض؛ لأن فرض الراحتين قد سقط بإمرار كل واحدة على ظهر الكف" (١).

ومع اعتراف بعض الفقهاء من كل مذهب بأن هذه الصفة التي استحبوها لم يأت عليها دليل من الشرع

فقد ذكر العيني في البناية والطحطاوي في حاشيته على مراقي الفلاح، وهما من الحنفية بأن هذه الصفة - أعني المسح بالأصابع ظاهر اليد اليمنى، والمسح بباطن الكف باطن اليد اليمنى، ثم اليسرى مثل ذلك - لم ترد في شيء من الأحاديث (٢).

وقال القرافي من المالكية: " وهذه الصفة وإن لم ترد - يعني في السنة- فليست تحكماً، بل لما علم الفقهاء أن الايعاب مطلوب، والصعيد ليس يعم بسيلانه كالماء اختاروا هذه الصفة؛ لإفضائها لمقصود الشارع، وفعل الوسائل لتحصيل المقاصد من قواعد الشرع وعادته " (٣).

فيقال: إذا اعترفتم بأن هذه الصفة لم ترد، فهل غاب إدراك هذه المصلحة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وعن صحابته الكرام، أو لا؟ فإن قلتم: هي معلومة للرسول - صلى الله عليه وسلم -، قلنا: فلماذا علمها ومع ذلك تركها، ألا يكون لكم في رسول الله أسوة حسنة. ألا يكون فعلكم نوعاً من الاستدراك على الشرع، وإحداث صفة لم تكن مشروعة، أليست صفة العبادة توقيفية،


(١) المغني (١/ ١٥٩).
(٢) انظر حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (ص: ٧٩)، والبناية على الهداية (١/ ٤٩٨).
(٣) الذخيرة (١/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>