قال: من تلبس بعبادة، ثم وجد قبل فراغها ما لو كان واجداً له قبل الشروع لكان هو الواجب، دون ما تلبس به، هل يلزمه الانتقال إليه، أم يمضي ويجزيه؟.
هذا على ضربين: أحدهما: أن يكون المتلبس به رخصة عامة، شرعت تيسيراً على المكلف، وتسهيلاً عليه، مع إمكان إتيانه بالأصل على ضرب من المشقة والتكلف، فهذا لا يجب عليه الانتقال منه بوجود الأصل كالمتمتع إذا عدم الهدي، فإنه رخص له في الصيام رخصة عامة، حتى لو قدر على الشراء بثمن في ذمته، وهو ميسور في بلده لم يلزمه.
الضرب الثاني: أن يكون المتلبس به إنما شرع ضرورة للعجز عن الأصل وتعذره بالكلية، فهذا يلزمه الانتقال إلى الأصل عند القدرة عليه، ولو في أثناء التلبس كالعدة بالأشهر، فإنها لا تعتبر بحال مع القدرة على الاعتداد بالحيض، ولهذا تؤمر من ارتفع حيضها لعارض معلوم، أن تنتظر زواله، ولو طالت المدة، وإنما جوز لمن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه أن تعتد بالأشهر؛ لأن حيضها غير معلوم، ولا مظنون عوده، وسواء كانت هذه المعتدة مكلفة قبل هذا بالاعتداد بالحيض كمن ارتفع حيضها لا تدري ما رفعه أن تعتد بالأشهر، ثم حاضت في أثنائها أو لم تكن مكلفة به كالصغيرة إذا حاضت في أثناء العدة بالأشهر".
قال ابن رجب: وهاهنا مسائل كثيرة مترددة بين الضربين، منها: المتيمم إذا شرع في الصلاة، ثم وجد الماء، ففي بطلانها روايتان؛ لأن التيمم من حيث كونه رخصة عامة، فهو كصيام المتمتع، ومن حيث كونه ضرورة يشبه العدة بالأشهر، وبيان الضرورة أنه تستباح معه الصلاة بالحدث فإنه غير رافع له على المذهب، فلا يجوز إتمام الصلاة محدثاً مع وجود الماء الرافع له" (١).